نقاط الحديث في مناصرة القضية

 

إلى جانب غياب الوعي بشكل عام، يشكّل إحتمال عدم الفهم الكامل للقضية وأهمية التعامل معها من قبل أصحاب الشأن المختلفين العاملين في الإستجابة للّجوء السوري تحدٍّ كبير في معالجة مسألة إنعدام الجنسية في سياق اللجوء السوري. في الواقع، غالباً ما يوجد مفاهيم خاطئة حول إنعدام الجنسية والمعايير المطلوب مراعاتها، منها حماية حق جميع الأطفال بالجنسية، على سبيل المثال. قد يخلق ذلك تضارب في المفاهيم ما يعرقل تنفيذ الإستجابة المناسبة. عند الحديث عن إنعدام الجنسية مع الجهات الفاعلة المختلفة — المسؤولين المحليين، ومقدمي الخدمات، والقيادات المجتمعية، وعمّال الإغاثة، إلخ — قد يكون من المفيد إعتماد رسائل أساسية معينة يمكن من خلالها الدفع نحو فهم أكبر لمسألة إنعدام الجنسية وخلق إندفاع أكبر نحو إتخاذ الخطوات المرجوة. 

تم تصميم المطالعة التالية لنقاط الحديث في مناصرة القضية للمساعدة بنشر المعلومات حول التخفيف من مخاطر إنعدام الجنسية بين اللاجئين السوريين وعائلاتهم وحماية اللاجئين عديمي الجنسية النازحين من سوريا. يرجى الأخذ بعين الإعتبار أن هذه الرسائل هي فقط رسائل عامة تتناسب مع جمهور عام وتهدف لتوضيح المفاهيم الخاطئة، بالإضافة إلى إظهار أهمية الإهتمام بقضايا إنعدام الجنسية. قد يكون من المفيد تطوير وتنسيق نقاط حديث أكثر تفصيلاً في سياق بلدان محددة. ذلك ويحتاج المنخرطون في مناصرة القضية من ناحية الإصلاح السياسي أو القانوني إلى رسائل إضافية ومحددة. 

معظم اللاجئون من سوريا هم مواطنون سوريون ولا يواجهون خطر إنعدام الجنسية

غالباً ما توجد فكرة خاطئة حول مدى إنتشار مشكلة إنعدام الجنسية بين اللاجئين من سوريا. في حين أن بعض التقارير الإعلامية حذّرت من ولادة جيل كامل من عديمي الجنسية للّاجئين السوريين في المنفى، في الواقع معظم اللاجئون السوريون وأولادهم هم مواطنون سوريون ولا يواجهون خطر إنعدام الجنسية. قد تساهم النقاط التالية في توضيح ذلك: 

  • لا يعتبر أطفال اللاجئين المولدين لأباء سوريين، ولا يملكون أوراق ثبوتية، عديمي الجنسية عند ولادتهم. هم مواطنون سوريون إذ أنهم يحصلون على الجنسية بشكل تلقائي وفق قانون الجنسية السوري. لكن تسجيل ولادتهم أمرٌ مصيري لتثبيت جنسيتهم وحماية حقوق الطفل الأساسية.
  • يواجه بعض اللاجئين من سوريا «خطر إنعدام الجنسية». هذا لا يعني إستنتاج أن الفرد أصبح عديم الجنسية، إذ أن التعبير يستخدم لوصف الأوضاع التي يكون فيها الناس معرضين لأن يصبحوا من دون جنسية. مثلاً، قد يواجه الطفل اللاجئ، المولود في المنفى والذي لا يتم تسجيل ولادته، خطر إنعدام الجنسية من جرّاء الصعوبات التي قد تنتج في إثبات حقه في الجنسية. قد ينفع هذا المصطلح للحديث عن الخطوات الوقائية المطلوبة من الدولة لتفادي وقوع الأشخاص المعرضين لإنعدام الجنسية في حالات إنعدام جنسية — وقد يحدث ذلك عبر الترويج لتسجيل الولادات على سبيل المثال.

الوقاية من إنعدام الجنسية يساهم في تأمين مستقبل أفضل للّاجئين السوريين

في حين أن معظم اللاجئين من سوريا هم مواطنون سوريون، غير أنه قد يواجه بعضهم خطر إنعدام الجنسية نظراً لظروف نزوحهم. كما يواجه بعض الأطفال المولودين في المنفى للاجئين خطر إنعدام الجنسية أيضاً. من المهم إتخاذ خطوات لتخفيف مخاطر إنعدام الجنسية، حيث يمكن، بين اللاجئين السوريين وعائلاتهم من خلال مساعدتهم على الحفاظ على رابط موثّق بسوريا. يساعد ذلك في تأمين مستقبل أفضل للّاجئين السوريين للأسباب التالية: 

  • قد تكون الوقاية من الخلافات حول الجنسية وتفادي إنعدام الجنسية أدوات أساسية في معالجة أوضاع اللاجئين. التأكد من حفاظ اللاجئين على جنسيتهم السورية يساعد في نجاح العودة الطوعية وإعادة الإندماج عندما تسمح الظروف بذلك في المستقبل— ما يمهّد الطريق لحل دائم. بالنسبة للأطفال المولودين في المنفى، توثيق صلتهم بسوريا يساعد في ضمان قدرتهم على العودة مع أهلهم.
  • الحق بالجنسية هو حق أساسيٌ من حقوق الإنسان. قد يكون لإنعدام الجنسية تأثير عميق وسلبي على حياة الشخص، ولذلك يحمي قانون حقوق الإنسان حق كل فرد بجنسية ما. يتوجّب على الدول فعل كل ما يمكن فعله لتفادي حصول حالات إنعدام الجنسية، بما في ذلك في سياق النزوح القسري.
  • ليس من مصلحة الدولة أن تسمح بإنتشار إنعدام الجنسية على أراضيها. بما أن إنعدام الجنسية قد يشكل عائق أمام تأمين حلول دائمة للاجئين، بما فيها العودة الطوعية، فمن مصلحة البلدان التي تستضيف لاجئين من سوريا المساعدة على تفادي حصول حالات إنعدام جنسية بين اللاجئين. قد يكون إتخاذ خطوات وقائية ضد إنعدام الجنسية اليوم أسهل من محاولة إيجاد حلول لحالات إنعدام الجنسية مستقبلاً، حين تكون المشكلة قد تجذّرت.

أهمية الوثائق

الوثائق مهمة، لا سيما في ظروف النزوح. قد تكون قدرة الشخص على إثبات هويته وروابطه العائلية وجنسيته بالغة الأهمية في وضعه كلاجئ كما في سياق إيجاد الحلول الدائمة. كماأن تسجيل الأحداث الحياتية (الولادات والزواج والوفيات) التي تحصل في المنفى مصيريٌ أيضاً. الوصول إلى أنظمة التسجيل المدني وأطر أخرى قد تساعد اللاجئين على توثيق هوياتهم وأحوالهم القانونية في البلدان المضيفة هو الأساس، لكنه قد لا يكون السبيل واضحاً—إذ مثلاً قد لا تكون في حيازة اللاجئ الوثائق التي تطلب عادة من الشخص لتسجيل ولادة. من المهم مراعاة التالي:

  • لا يملك جميع اللاجئين من سوريا أوراق ثبوتيتهم. من المحتمل أنه لم يجلب اللاجئون معهم الوثائق التي كانوا يملكونها عند نزوحهم، أو أن الوثائق قد تكون قد تلفت قبل أو خلال نزوحهم. كما أن بعضهم لم يكن بإمكانهم الحصول على الوثائق في سوريا لأن النزاع عرقل إمكانية الوصول إلى الإجراءات.
  • لا يملك جميع اللاجئون من سوريا نفس الوثائق. في سوريا، كان يوجد، ولا يزال، عدد من الوثائق المتنوعة التي تمنح للأفراد حسب وضعهم القانوني. من المهم فهم الفرق بين وثائق الثبوتية المختلفة التي قد تكون بحوزة اللاجئين، بما في ذلك معرفة أن عديمي الجنسية اللاجئين من سوريا لا يمكنهم الحصول على الوثائق التي تمنحها سوريا لمواطنيها. كما أن بعض اللاجئين لم يكن بإمكانهم إلا الحصول على وثائق صادرة عن جهات غير حكومية في الداخل السوري.
  • توجد سبل لمساعدة اللاجئين في الوصول إلى إجراءات التسجيل المدني في ظل عدم حيازتهم على بعض الوثائق المحددة. سجّلت سوابق عديدة في التجربات الناجحة من قبل الدول التي تستضيف نازحين من أجل تسهيل وصولهم لإجراءات التسجيل المدني. من هذه التجربات قبول شهادات صادرة عن الكنائس والجوامع. ضمن المنطقة توجد أمثلة عن التجربات الناجحة في قبول السلطات في الدول المضيفة لنسخ عن الوثائق الأصلية أو القبول بشهادات شهود في غياب الوثائق.

تسجيل الولادة حقٌ لكل طفل

يحمي القانون الدولي حق جميع الأطفال بالتسجيل بعد ولادتهم مباشرة، وتشكل المادة السابعة من إتفاقية حقوق الطفل والمادة السابعة من معاهدة حقوق الطفل في الإسلام أمثلة عن هذه القوانين. يجبر القانون الدول  على تسجيل ولادة أي طفل يولد على أراضيها، بغض النظر عن الوضع القانوني لأهله. كما ذكر سابقاً، الوثائق مهمة، وتلعب شهادات الولادة دوراً مصيرياً في الوقاية ضد إنعدام الجنسية عند الأطفال. لكن غالباً ما لا يُفهم الرابط بين تسجيل الولادة والجنسية بشكل جيد. من المهم معرفة النقاط التالية:

  • منح فرصة الوصول إلى تسجيل الولادة وإصدار شهادة ولادة للطفل لا يساوي منحه الجنسية. يوثّق تسجيل الولادة مكان الولادة وبيانات الأهل، وهي عوامل مرتبطة بالجنسية التي سيحصل عليها الطفل. لكن حق الطفل بجنسية البلد الذي ولد فيه أو بجنسية الأهل تحدده قوانين الجنسية الخاصة بالبلد. تسجيل الولادة وإصدار شهادة الولادة للطفل من بلدٍ ما لا يعني أنه سيصبح مواطناً في ذلك البلد. غالباً تلك الشهادة تثبت العكس — إذ تؤكّد حق الطفل بجنسية بلد آخر.
  • تمنح الجنسية السورية وفق صلة الدم، لذلك فإن تسجيل ولادة طفل للاجئين يساهم بتثبيت جنسيته السورية. وفق قانون الجنسية السوري، يحصل الطفل المولود لأبٍ سوريٍّ على الجنسية السورية تلقائياً عند ولادته. لذلك فإن تسجيل ولادة الطفل وتوثيق بيانات الأب يسمح للبلدان المضيفة بضمان قدرة الأطفال المولودين لأباءٍ سوريين على إثبات حقهم بالجنسية السورية ووقايتهم من إنعدام الجنسية.
  • قد يجهل اللاجئون متطلبات وإجراءات تسجيل الولادة. تختلف أنظمة تسجيل الولادات من بلد إلى آخر، حتى عندما يوجد تشابه ثقافات ولغة بينهم. من غير المرجّح معرفة اللاجئين بأنظمة تسجيل الولادات في البلدان المضيفة، ولذلك يجب بذل مجهود إضافي لضمان حصولهم على معلومات صحيحة وفي الوقت المطلوب — خاصة في حال وجود مهل قانونية للتسجيل.

بعض اللاجئين من سوريا هم من عديمي الجنسية ويحتاجون لدعم خاص

معظم اللاجئين من سوريا هم مواطنون سوريون، لكن ليس كلهم كذلك. البعض لا يحمل أي جنسية: هم لاجئون عديمو الجنسية. تشمل هذه المجموعة عديمي الجنسية الأكراد (وهم صنفين: الأجانب الأكراد ومكتومي القيد الأكراد)، الفلسطينيين، والعديد من الحالات المعزولة. لا يدرك جميع أصحاب الشأن وجود أشخاص عديمي الجنسية بين النازحين من سوريا، لذلك فإنه قد لا تُلاحَظ حالة إنعدام جنسية اللاجئ ولا توثّق ولا تؤخذ بعين الإعتبار في التعامل مع اللاجئ. قد يؤدي ذلك إلى مشاكل للأسباب التالية:

  • قد يكون للاجئين عديمي الجنسية إحتياجات أو نقاط ضعف محددة. يواجه اللاجئون عديمو الجنسية مخاطر حماية مرتفعة، إذ أنها تشمل عدم القدرة على الوصول إلى إجراءات التسجيل المدني، وضوابط على قدرتهم على التحرك، وضغط للعودة إلى سوريا. مثلاً بغياب بطاقة الهوية أو بحيازة أوراق الثبوتية التي تصدرها سوريا لعديمي الجنسية فقط، قد يُمنع اللاجئين عديمي الجنسية من الوصول إلى إجراءات التسجيل المدني في البلد المضيف. لذلك يحتاج اللاجئون عديمو الجنسية لمساعدة مصممة خصيصاً لهم.
  • قد يكون إنعدام الجنسية عامل مهم في سياق إيجاد حلول دائمة للّاجئين. قد يكون إنعدام الجنسية عامل يعقّد عملية الوصول إلى حلول دائمة للّاجئين من سوريا، بما في ذلك الحد من قدرتهم على الوصول إلى برامج إعادة التوطين. تحديد إنعدام الجنسية كعائق محتمل لحلول دائمة قد يضمن توفير الإستشارة والمساعدة المناسبة للّاجئ.