أمثلة من حول العالم

«أشعر بسوء وخيبة أمل لأنّي لا أستطيع حماية أطفالي…كونهم لا يملكون جنسية فهم يواجهون مشاكل عدة في المدرسة ومع أصدقائهم. يتعرّضون لمضايقات ويشعرون بالعار.»

         - جورجيا، لاجئة ليبيرية سابقة وأم لأطفال عديمي الجنسية لأنهم ولدوا في المنفى (المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ٢٠١٤)

النزوح القسري وإنعدام الجنسية ظاهرتان مترابطتان. من الضروري أن تكون المنظمات التي تعمل عى قضايا اللاجئين أو تقدم المساعدة للجماعات النازحة قسراً أن تكون على إطّلاع على الطرق التي تتداخل فيها إنعدام الجنسية مع النزوح. تظهر الأمثلة التالية من حول العالم كيف أن إنعدام الجنسية قد يكون سبباً للنزوح أو نتيجةً له. 

إنعدام الجنسية كالسبب الأساسي للنزوح: الروهينغيا

الروهينغيا هم أقلية إثنية ودينية في ميانمار. رغم أنهم يعيشون في ميانمار منذ قرون غير أنهم لا يُعتبرون أنهم من هناك ولا يعترف بهم كمواطنين وفق قانون الجنسية الحالي الصادر عام ١٩٨٢. يعانون من إنتهاكات قاسية ومصوّبة لحقوق الإنسان منذ عقود، ما لا يترك للعديد منهم إلّا خيار الرحيل عن البلد بحثاً عن ملاذ آمن في الخارج. لكن عدم حيازتهم أوراق ثبوتية أو وثائق سفر يدفع بالروهينغيا غالباً إلى إعتماد طرق هجرة خطيرة وغير شرعية للهروب من ميانمار. رغم حاجتهم لحماية دولية بصفتهم لاجئين في الخارج غير أنهم غالباً ما يجدون أنفسهم في ظروف قاسية في البلدان المضيفة. يعرف عن الروهينغيا أنهم إحدى المجموعات التي تتعرض لأكبر إضطهاد في العالم و هم يشكلون مثالاً كيف أن الإضطهاد والعنف ضد أشخاص عديمي الجنسية قد يؤدي إلى نزوحهم القسري. كما أن وضعهم يُبرز التعرض الدائم لعديمي الجنسية الذين يوجدون في حالة نزوح. تلقي القصص الصورية «المنبوذون والمرفوضون» لسيف الحق أمي و«منفيون إلى اللامكان» لغريغ قسطنطين الضوء على وضع اللاجئين عديمي الجنسية الروهينغيا.

الصورة: سيف الحق أمي©

إنعدام الجنسية كنتيجة للنزوح: أطفال ليبيريا اللاجئون

وفق قانون الجنسية الليبيري، لا يحق للطفل أن يرث الجنسية من والدته إلا إذا ولد في ليبيريا. الطريقة الوحيدة للأطفال المولودين في الخارج للحصول على الجنسية الليبيرية هي عبر الأب. في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، أدت الصراعات إلى نزوح مئات الآلاف من الناس من ليبيريا وتبعهم موجة ثانية من اللاجئين نتيجة حرب أهلية أخرى أوائل القرن الحالي. لم تتمكن الأمهات الليبيريات اللواتي وَلدن في المنفى من إعطاء جنسيتهن إلى أطفالهن. لذلك أضحى الأطفال المولودون لأمهات ليبيريات وآباء مجهولين (أو آباء أجانب غير قادرين على إعطاء جنسيتهم للأطفال أو غير راغبين بذلك) عديمي الجنسية. في العام ٢٠١٥، قدّرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وجود أكثر من سبعة آلاف طفل من دون جنسية نتيجة ذلك. على أولئك الأطفال الذين تمكّنوا من العودة إلى ليبيريا مع أمهاتهم الإنتظار حتى إتمام سن الثامنة عشرة ومن ثم محاولة تغطية التكاليف الباهظة لعملية التجنّس. تروي القصة المصورة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين حكاية بعضٍ من أولئك الأطفال. 

إنعدام الجنسية في تدفقات الهجرة المختلطة: «أزمة اللاجئين» في أوروبا

على مدار عام ٢٠١٥، بحث أكثر من مليون طالب لجوء عن الحماية في أوروبا. أتت أكبر المجموعات من سوريا لكن كان هنالك عدد كبير من البلدان الممثلة بين النازحين. وفقاً لبيانات يوروستات، كان ما يقارب ٢٠ ألف من طالبي اللجوء عديمي الجنسية بينما ٢٢ ألف كانوا «مجهولي الجنسية». إضافة إلى ذلك، بين أكثر ثلاثين دولة ممثلة بين اللاجئين، توجد ١٢ دولة يوجد فيها مجموعات كبيرة من عديمي الجنسية أو قانون الجنسية فيها يحد حق الأم في إعطاء الجنسية لأولادها، أو الإثنين سوياً. شكل طالبو اللجوء القادمون من سوريا والعراق ٣٧،٥٪ من مجموع الطلبات — وفي البلدين حالياً مشكلة إنعدام جنسية وقانون جنسية تمييزي ضد المرأة. لذلك فإن قضايا إنعدام الجنسية ومخاطر إنعدام الجنسية للأطفال المولودين في بلدان النزوح تشكلان جزء من واقع «أزمة اللاجئين» في أوروبا وقد تخلق تحديات لضمان إستجابة حماية مناسبة لهم.

الجنسية الهشة: اللاجئون البورونديون في تنزانيا

قد تؤدي ظروف النزوح المطوّل إلى خسارة الإتصال بالبلد الأصلي ويزيد ذلك من مخاطر إنعدام الجنسية. قضى اللاجئون البورونديون الذين نزحوا من جراء الصراع الذي إندلع في السبعينيات من القرن الماضي عقوداً في المنفى — في تنزانيا بشكل أساسي. ولد أطفال في تنزانيا وهم بدورهم أصبحوا بالغون وأصبح لديهم أطفال — أي أن هنالك جيل ثاني مولود كلاجئين. يجد ما يقارب ١٦٢ ألف لاجئ نفسهم في علاقة تزداد هشاشة مع بوروندي وبالتالي وضع جنسيتهم غير ثابت. أخيراً ولتقديم حل دائم لهؤلاء اللاجئين، عرضت تنزانيا عليهم إحتمال التجنّس. أظهرت الأغلبية الكبرى منهم حماسةً لهذا الطرح وتقدموا بطلب الجنسية وتلقوا إخبار بالموافقة على طلب التجنّس. كما قاموا بالتخلي عن جنسيتهم البوروندية لإستيفاء شرط منع إزدواج الجنسية. غير أنه تم تأخير عملية منح الجنسية التنزانية ولم يتم إصدار وثائق الجنسية. أدى ذلك إلى سنوات عدة من الفراغ القانوني حيث لم تعد الجماعة من اللاجئين ولا اكتسبت الجنسية التنزانية. بدأت بعض الخطوات مؤخراً لمعالجة هذا الوضع.